مشعر منى.. شاهد على سُنن الأنبياء وذاكرة الحج

4. يونيو 2025 - 4:53

يُعدُّ مشعر منى أحد أبرز المشاعر المقدسة التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمناسك الحج، وتكتسب مكانة عظيمة في قلوب المسلمين، لما تحمله من دلالات تاريخية وروحية، جعلت منها شاهدًا حيًا على تتابع الأزمان وامتداد الشعائر منذ عهد إبراهيم الخليل عليه السلام، وحتى يومنا هذا.

ويقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة، ويبعد عن المسجد الحرام نحو 7 كلم، وهو وادٍ مبارك تحيط به الجبال من كل جانب، وتنبض أوديته بالإيمان في أيام الحج، حيث يقضي فيه الحجاج ليالي التشريق، ويؤدون فيه شعائر عظيمة كـرمي الجمرات، والنحر، والحلق أو التقصير.
ويحمل مشعر منى هوية مكانية متميزة، تكتنزها طبيعته الجغرافية وتُجسدها الشعائر، التي يؤديها ضيوف الرحمن، حيث الخيام البيضاء التي تمتد على جنباته أصبحت علامة فارقة لمنظومة الحج الحديثة، وقد صُممت وفق أعلى معايير السلامة والراحة، لتستوعب ملايين الحجاج في بيئة آمنة ومهيأة بكفاءة
وكانت خيام منى في العقود السابقة تُنصب من القماش والخشب أو اللباد، وتفتقر لمقومات السلامة والراحة، وتُفكك بعد نهاية الحج، فيما يضُم اليوم مشعر منى أكثر من 100 ألف خيمة ثابتة مصنوعة من الألياف الزجاجية المقاومة للحرارة والاشتعال، والمكيّفة بالكامل، وتخضع لنظام ترقيم دقيق يسهل الوصول إليها ويعزز السلامة والتنظيم، وتغطي مساحة الخيام ما يقارب 2.5 مليون متر مربع، في مشهد عمراني موحد يخدم منظومة متكاملة من الإيواء والخدمات الصحية والأمنية واللوجستية، مما يجعل من مشعر منى مدينة متكاملة مؤقتة تنبض بالحياة أيام الحج، وفقا لوكالة الأنباء السعودية "واس".
ويبرز في المشعر جسر الجمرات، الذي يبلغ طوله 950 مترًا وعرضه 80 مترًا، على عدة طوابق، بطاقة استيعابية تتجاوز 300 ألف حاج في الساعة الواحدة، ما يُمكن من تفويج الحشود بكفاءة عالية ويُقلل من التزاحم والاختناق، خاصة في أوقات الذروة أثناء رمي الجمرات الثلاث (الصغرى والوسطى والكبرى).
وتتوفر في الجسر وسائل متعددة لتنظيم حركة الحشود، تتضمن مداخل ومخارج متعددة من جميع الاتجاهات، وسلالم كهربائية وممرات مخصصة للطوارئ، إضافة إلى منظومة متقدمة من كاميرات المراقبة والذكاء الاصطناعي لرصد الكثافات والتحكم في التدفقات البشرية لحظة بلحظة.

تابعونا