
إن بروز مفهوم المواطنة يشكل أحد أهم المعايير التي تميّز الشعوب التي نجحت في بناء دول مستقرة وقادرة على التقدم. فكلما ترسخ الانتماء للوطن بوصفه الإطار الجامع، وكلما تراجعت الانتماءات القبلية و الفئوية و الجهوية الضيقة، اقتربت الدول من تحقيق السلم الاجتماعي والتنمية المستدامة.
وفي هذا السياق، جاء خطاب رئيس الجمهورية في وادان ليؤكد بوضوح الخطوة الأولى في هذا المسار و التى تتمثل في وجود إرادة سياسية صريحة، لا لبس فيها ولا مجال للتشكيك حولها. وقد كان الخطاب واضحاً وعميقاً في تشخيص التحديات، وصريحاً في التأكيد على أن ترقية المواطنة وتعزيز الوحدة واللحمة الوطنية واجب تتحمل الدولة مسؤوليته كاملة. غير أن الرئيس شدد في الوقت نفسه على أن هذه المسؤولية، رغم أهميتها، لا تكفي وحدها ما لم تواكبها مشاركة جماعية واعية
وانطلاقاً من ذلك، فإن هذا الخطاب يشكل دعوة واضحة للجميع: هو واجب على من يساند الرئيس والنظام أن ينسجم مع هذه القناعة وأن يتحرك لترجمتها عملياً، وهو في الوقت نفسه فرصة وضرورة لمن يعارض الرئيس والنظام بموضوعية، ما دام يعارض من أجل هذه المطالب ذاتها. فلا مبرر لأي طرف للتنصل أو التراجع، ولا مسوغ لعدم الانخراط في هذا المسار الوطني الجامع.
إن ترقية المواطنة وتعزيز الوحدة الوطنية مسؤولية مشتركة، لا يمكن إنجازها إلا بمشاركة الدولة بإجراءات عملية و مشاركة المجتمع والنخب، تأسيساً لمستقبل يكون فيه الانتماء للوطن فوق كل اعتبار




